صدر قانون الجنسية الجديد في ليبيا مؤخرا
تناول هذا القانون بالنقاش المتعجل ومحاولة تقييمه بشكل سريع أو اختصار تقييمه أو الحكم عليه بجمل أو أوصاف أحادية ك"ممتاز" أو"جيد" أو "ظالم\عادل" ليس بالأمر اليسير
فهذه القوانين عادة ما يتم سبكها والتحضير لها بروية ، واختيار الكلمات وحتى حروف الجر يتم بعناية شديدة حتى يتجنب المشرع الوقوع في حفر نصية قد يتم استغلالها لاحقا للالتفاف على مواد ونصوص هذه القوانين
وفي هذا السياق , أعتقد أن تعليق الكاتب والصديق غازي القبلاوي الذي نشره في مدونته امتداد ، كان من الردود القليلة والنادرة حول هذا الموضوع الذي لوقي , على أهميته , بفتور شديد وصل الى حد التجاهل من قبل بعض وسائط الاعلام الليبية
ومحاولة فهم أبعاد هذا الفتور والتجاهل لن تكون مهمة سهلة فأسبابها متعددة والتفسيرات كثيرة , ولكنني لن أحاول الخوض في هذه المسألة وسأكتفي بأن أعرض ملاحظات أعتقد أنها جديرة بأن تؤخذ بالاعتبار
صدور القانون في هذا التوقيت فتح الباب للتكهنات والشكوك حول علاقته المحتملة بزيارة رفايييل لوزون الى ليبيا لأول مرة منذ خروجه منها في ستينيات القرن الماضي , وما زاد لهيبا لهذه النار ، هي التصريحات السابقة باحتمال تعويض اليهود الليبين عن ما أصابهم واضطرارهم مغادرة ليبيا وتركهم أملاكهم ودور عبادتهم , وأنا هنا لست في معرض الحكم على تللك الأحداث من الناحية التاريخية أو حتى الدينية ، ولكني أستغرب الخلط بين الهوية والديانة , فهؤلاء اليهود كانوا مواطنين ليبين لهم ماللمسلمين من حقوق وواجبات ومحاولة ربط انتمائهم للتراب الليبي بنكبة 1948 أو بنكسة 1967 أو بممارسات الصهيونية في فلسطين هو نوع من النفاق الهستيري
ومن هذه الناحية أرى أن النص القانوني قد أصاب عندما ربط حق المواطنة بمسقط الرأس ، قبل أن يتم تشكل الأمة الليبية ككيان سياسي
من ناحية أخرى ، أنصف القانون ابناء الأمهات الليبيات المتزوجات من غير الليبين، وهم ليسوا بالعدد الضخم، فمنحهم حق المواطنة الكاملة مجارياً في ذللك العديد من الدول التي أقرت هذا الحق ، ولكني أستغرب أن يتحدث القانون عن اسقاط الجنسية عمن اكتسب جنسية دولة أخرى الا ان كان قد ولد بها ، وهذا يشمل الاف بل مئات الالاف من الليبين داخل ليبيا وخارجها
وان كانت القوانين في المجتمعات التي نتوق أن نكون في مصافها تعبر عن وتتماشى مع التطور الاجتماعي والسياسي ، فانه من غير المفهوم تحويل جزء من الشعب الى "مواطنين ظل" يلجأون الى اخفاء حقيقة ازدواج جنسياتهم وبالتالي خلق حالة من انعدام الثقة بين الدولة والمواطن ، وبالتالي استمرار وضع الخلل بين الحقوق ووالواجبات في علاقة الدولة بالمواطن